2010-10-21

أبرار الغصاب في مذكرات بنت بطوطة وأحمد الحيدر في سارة


قد يقع القارئ من النظرة الأولى في حب "مذكرات بنت بطوطة". فبجانب أنه كتاب خفيف الهضم فهو أيضًا جذاب في شكله وألوانه.

اسم بنت بطوطة بالذات يوحي بوجود علاقة بين ابن بطوطة ومذكرات بنت بطوطة التي نقرأها. لكن الكتاب جاء خلاف ذلك, فـ"بنت بطوطة" لم تسلك الطرق التي سلكها ابن بطوطة, ولم تتحلى بصبره. وإنما وجه الشبه الوحيد كان فقط في حبهم للترحال. لذا كان من الأفضل برأيي لو تغيّر اسم الكتاب إلى مذكرات رحالة أو شيءٍ من هذا القبيل.

انطباعي عن بنت بطوطة هو أنها إنسانة ذميمة, فتارة تقول بأن الشعب الهولندي لا يعرف الأناقة, وأن الشعب الألماني فظ وغير لبق. وهذا سيء, لأنها تحكم بذلك على شعبٍ كاملٍ من خلال فئة فيه وهذا يدل على عجزها في الوصول لأعماق الحضارات والاكتساب بالتعلم منهم. كما في قولٍ لها " أنا ألعن الحظ السيئ الذي جعلني أستقل هذه السيارة!" فهي لا تعرف الصبر, وسريعة الحكم. فبمجرد وقوع أي حادثة كـ مقابلتها لمدمن المخدرات في فرنسا الذي قالت من بعده أن فرنسا قبيحة وحزمت أمتعتها وحددت وجهة أخرى لتنتقل لها. كما أن موقف حادث الطريق وموت الفتاة, ضياع حقيبة السفر, السرقة وغيرهم ينبهونني على تركيز بنت بطوطة على تذكر المواقف السلبية أكثر من الإيجابية. علمًا بتكرار أنها لم تجد شيءً في زياراتها جاء مملًا, خصوصًا وأنها لا تعرف ما تريد أصلًا!

وجدت بقراءتي بنت بطوطة تصوّر الوطن لمن لا يعرفه بأنه مكان ممل وروتيني ويجب الهروب منه. لكنها تحن إليه وتشفق عليه بأحيانٍ كثيرة. سردت الكاتبة مواقف وقصص تحتوي على تفاصيل لم يكن لها داعٍ مثل " أخرجت من حقيبة يدي رواية شقة الحرية لغازي القصيبي وبدأت أقرأها. كانت المرة الرابعة أو الخامسة التي أقرأ فيها هذه الرواية! لا أدري ام أشعر نحوها بحنين خاص, ربما لأنها تذكرني بمصر وأيامها!" وأنا لا أظن بأن القارئ كان بحاجة لمعرفة هذه المعلومة خصوصًا وأنها لا تضيف شيءً لمحتوى الحكاية. كما أنها ذكرت في رحلتها إلى تركيا أننا نتشابه معهم في الكثير من العادات والتقاليد دون ذكرها كما في موضع آخر قالت أنها أمضت أسبوعًا جميلًا لكنها لم تذكر ما مصدر ذلك الجمال. أعتقد أن الكاتبة تعذب القارئ بهذه العبارات التي تسير به لكنها لا تأخذه إلى أي مكان. واضحٌ من أن الكاتبة تحمل الكثير من الأفكار إلا أن هناك عائق وحيد وهو عدم ترتيب تلك الأفكار قبل الكاتبة مما شكل نوعًا من الفوضى في النص. فالكتابة كالطبخ تحتاج لوقت وعناية كي تنضج, وهي رغم طبختها اللذيذة إلا أنها خرجت ناقصة.

كان لبنت بطوطة أن تدرك من البداية أن كل شيء يأتي من الداخل. وأي شيء يستحق أن نحصل عليه, يستحق أن ننتظر لأجله لكنها لم تنتظر شيءً.


"سارة" هي قصة قصيرة تدور أحداثها في 118 صفحة من الحجم المتوسط. لها دخول رائع عن علاقة زوجية يتمناها الجميع. وتحمل معاني جميلة عن الحب والصداقة والوفاء.

جاءت الحوار في القصة باللهجة العامية وأتذكر بذلك قول الأستاذ فؤاد قنديل: طلب الدقة قد يدفع بعض الكتَّاب إلى استخدام الألفاظ العافية أو اللهجة المحلية, متعللين بأن وصف هذه الحالة أو التصرف بالذات كان متعذرًا بالفصحى, وبدت لهم العامية على ذلك أقدر وأدق. إلا أني لا أأيد ذلك وتمنيت لو لم يسهب الكاتب في ذكر الحوارات التي غطت القصة كلها. ولي ملاحظة أخرى وهي أن حوارات الطفلتان لم تناسب أعمارهما ففي سن الثامنة أو حتى السابعة يكون الأطفال قد تعلموا الحسابات وربما حفظوا جداول الضرب فلم يكن مناسبًا أن يغالطها في عمر "علاوي" حتى تقول "لا يبا ثمانية ناقص ثلاثة يساوي خمسة!" كما أن حواراتهم أخذت اتجاه فلسفي لم يكن لوجوده داعٍ كما حين يسألها "أبو "روّونة" وينه؟ لترد "مسافر مع النسيان" أعتقد أن إجابات الأطفال تختلف عن ذلك. في جانب آخر هنالك خلل في ذكر المواعيد فعند الفصل الأول يتناول يوسف وشهد وروان عشاءهم في القهوة الشعبية ثم تأتي روان مرة أخرى في الفصل الثالث تحكي لجدتها عن ذلك فتقول: "يدتي يدتي.. طافج كلينا نخي وباجلا وحركات مثلكم قبل." ثم تتابع بعد أن تسألها الجدة: "وين ومتى؟" لترد: "اليوم في المقهى الشعبي.. أبو رفيجتي شهوّدة شرالنا." فكيف يحصل ذلك؟ وعند قول يوسف لزوجته سارة "فديت فلبج" لترد "يا حياتي انتا" ويرد "يا روحي انتي"..أليست في ذلك مبالغة؟ أعتقد أن الزيادة في الشيء تفقده جماله وقد وجدت في كلامهم ما هو فائض ولا حاجة له مما أفقد النص بعض واقعية.

المثير في القصة أن النهاية تخالف كل التوقعات. والتي دفعتني لإعادة قراءة الفصول السابقة لأعرف سبب فضول يوسف في التعرف عن قرب على حياة أم روان.

12 comments:

الجودي said...

ملاحظاتج قوية على الكتب تبارك الرحمن ما شاء الله

مقالج قريته بتمعن و فرق معاي ... اليوم

بروح المعرض إن شاء الله

مشكورة

أتمنى لج نهاية اسبوع سعيدة و مثمرة

AM.SA.CHANNEL said...

ما شاء الله عليج فصفصتي الكـــتاب

و بالعكس هاشي زين حتى لمهندستنا أبرار في المرات الياية إنها تغير إسلوبها
لأنها التجربة الأولى إلها ..

أما عن أطباعها عن ثقافة شعب معين فأعتقد إنه يندرج تحت مسمى المذكرات
هو صح إنه ما يستوي تجمع لكن ساعات الأغلبية تطغي على الكل فا ما ألوومها يوم قالت جي عن الألمااان ههههههههه

بس أنا بعدني ما قريت الكتاب و بينزل في معرض الكـــتاب و من ينزل إن شاء الله بعد أنا بحط تعليقي على الكتاب

أحمد محمدي said...

سلام عليكم

ما قلتيه مشروع ولكن حبذا تطوير افاق النقد الى ما يقوله الفيلسوف الايطالي كروتشه

يقول كروتشه :

.. على الناقد ان يقف امام مبدعات الفن موقف المتعبد لا موقف القاضي . ولا موقف الناصح . وما الناقد الا آخر يحس ما احسه الفنان والاول فيعيش حدسه مرة ثانية . ولا يختلف عنه الا في امه يعيش بصورةٍ واعيةٍ ما عاشه الفنان بصورةٍ غير واعيةٍ ....

صفحات مُلطخّة بحروفي said...

ما شاء الله نقدّج في محله ،
وملاحظتج قويّة .
أأيدج بالسلبيات اللي ذكرتيها بكتاب
بنت بطوطة .
وما أزيد عليجْ =)

فاطمة الابراهيم said...

لم اقرأ الكتابين لذا ليس من العدل ابداء رأي عنهما لكن من خلال نقدك تنبين لي من قرائتك المتمعنه فضلا عن حرصك كقارئه ابديت رأيك بموضوعيه

ولهو شئ مبشر بالخير ان يكون هنالك اقلام شابه لكن نطمع بأن يرتقوا للأفضل :-)

BookMark said...

حين أنتهي من قراءتهما سأتذكر ما قرأته هنا
لأحكم

في النهاية تبقى أنها محاولات بحاجة للتشجيع،
ولا يُنقص هذا من أهمية النقد
:)

Seldompen said...

أنا أيضاً لا أستطيع أن أتفق مع ما قلتي كوني لم أقرأ الكتابان ,

لكن هنالك بعض نقاط النقد أتفق معكِ فيها حتى بدون أن أقرأ الكتابان ..

جميل نظركِ لأبعادالسطور في كل كتاب ..

وكما قالت بوك مارك .. تبقى محاولات تحتاج للتشجيع حتى وإن لاقت بعض الإنتقادات فهي لصالحهم بالطبع ..
=)

كوني بخير ..

بدون تعليق said...

مع اني ماقريت الكتابين يا سيما الا اني استمتعت بقراءة النقد اللي كتبتيه

محتاجين نقاااااااد يا حديث صج صج صج

بدل وااااو ورهيب وناس تقرا الكتب وتسكرها

نقدي يزاج الله خير ترى هالشي يفيد الكاتب قبل القارئ

الله يوفقج

Antonio said...

سيما

افكار ونقد جميل

بصراحة اشتريت كتاب بنت بطوطه

لكن الا الآن لم اقرأ الكتاب

وان شاء الله اذا قرأته لي عوده هنا

شكرا

تقبلي مروري

:)

نبراس said...

مرحبا عزيزتي
:) اخبارج
متابعة لكل تدوينه تكتبينها
^

للقارئ حرية الانتقاد
ولكن ارى بعض انتقادج للرواية سارة
انتقادات هامشيه ..
يعني مايحتاج لها التضخيم
مثل العمليات الحسابية او الفلسفية


وبنت بطوطة
مذكرات يحددها الكاتب
يعني حياة يومية اما يوم سيء او شيق
^^


:) تحياتي لج
وماشاء الله عليج دقيقة بالنقد
تخوفين لووول
عقبال مانقراج كتاب
بكون اول المشترين !
:) واول المادحين

رورو الشخبوطه said...

السلام..

انا قريت الاثنين..

الاول توقعته احلى وصح في جمل بحاجة الى تفصيل اكثر واضافات تضيف للكتاب كونه مذكرات متعلقه بالسفر ..

مابي اقول ادب رحلات لانه كلش ماينفع له ..

مع انه كنت اتمنى يكون ادب حلات ويكون في معلومات عن الدول اكثر سياحيه او تاريخيه او اي شغله تكون غريبه وضافه للكتب مو بس مجرد عرض مواقف ..

اما بالنسبه لسارة..

امم استمعت بالحوارت ..

بس احس القصه مافيها احدث وطغت عليها المشاعر والنهاية صدمة :\

ماتوقعت سارة عايشه :\

ومشكوره..

Anonymous said...

بصراحة
انتِ ناقدة مميزه
لاحظتِ ادق التفاصيل التي ربما لا تخطر على البال ..!!

ما شاء الله تبارك الله

استمتعت بقراءة نقدك