2011-11-08

نفنوف

خطواتي بطبيعتها سريعة.. لكني حين لمحت ذاك الشيء تباطأت حتى وقفت لبرهةٍ وراء الفترينة\أمام الفستان -أو كما نسميه بالعامية "نفنوف"- أتأمله بعيونٍ واسعة وبصمتٍ تام لم يقطعه سوى صوته
- حلو مو؟
-مو!
-دشي اخذيه
صوته والصوت الآخر برأسي يتفقان كثيرًا لكن...
-لا.. أساسًا ما عندي مناسبة وبعدين غالين.. بسعره آخذ ثلاثة.. 
لا أدري لماذا قلت جملتي الأخيرة أو كيف قلتها لأني لا أريد ثلاثة, واحدٌ فقط أعجبني, واحدٌ فقط يكفيني..
خرجنا وصوته لم يخرج من إذني وهو يقترح أن تأتي لاحقًا لشراء الثلاثة.. لحظتها أحسست بوجع لم يغطيه ابتسامه ولو يفهمها على كل حال.
----
الوقت بيني وبينه تحدٍ كبير.. نحن بالكاد نلتقي في المساء.. أنا منشغلة بوظيفتي الجديدة صباحًا وهو منشغلٌ بـ..كل شيء! ذات يوم, دخلت غرفتي لأجد "النفنوف" ينام على الكرسي ووراءه رجل يقرأ ابتسامتي.. غمز لي لأجربه, فـ طرت إلى غرفةٍ أخرى ذات مرآة أكبر وقفلت الباب مرتين.. أردت أن أفاجئ نفسي أولًا فيه. لبسته وأغمضت عيني لدقيقة أو اثنتين.. وفتحتها وأنا أواجه المرآة.

بعادتي أحتاج دائمًا إلى بعض التعديل -ولو كان مناسبًا- أحتاج لأن أضع لمستي فيه.. لكن هذا يناسبني تمامًا دون أن أضيف له شيء.. اختياري له هو لمستي فيه. أقترب حد الالتصاق ثم أبتعد لآخر مدى الغرفة.. أضع كرسي أمام المرآة وأنظر لنفسي بأكثر من زاوية لا أذكر بعدها إلا أسئلة, كل سؤال نزل بدمعة تهرب من عيني وتطبع على "النفنوف" وصوتٍ يطرق الباب بملل

-يلا.. نبي نشوف!
أسمح وجهي..أكتم عبرتي.. أخلع فستاني وأخرج
-مو لازم تشوفه.. أحسن نرده!
أجلسني وقتها على الكرسي أمامه وقال لي وهو ممسكٌ بيدي أشياء كثيرة عني وعنه وعن الحياة التي نحاول اكتشافها معًا.. إن قلبي لا يعرف هدوءً كما وهو معه.. حين أسمع كلامه ينقلب داخلي كلّه..
-أحبكِ لأنكِ من دون نساء العالم تجعليني سعيدًا! قصيرة, طويلة, سمينة, نحيفة, بنظارة, بدون النظارة, بيضاء, سمراء.. كل ذلك عندي لا يهم. مقياس الجمال هو حبك, أنتِ بعيني كل الجمال! والفستان مهما كان قياسه, سيكون جميلًا مادمتِ أنتِ زينته.. أنتِ لا تحتاجين مناسبة كبرى لتحظي بما تستحقين من السعادة. كل إنسانٍ يستحق أن يكون سعيدًا!
وبقلبي كله.. بكيت!
-----
وبقي "النفنوف" معلقًا في الخزانة.. أراه كل يوم وأخجل أن ألبسه.. إلى أن جاء يوم ميلادي واتفقنا على موعد عشاء في أحد المطاعم أعرف أنه يجهل مناسبته.. يفترض أن ينتهي من أحد لقاءاته ثم نذهب سويًا لكنني قررت أن أسبقه إلى هناك لأتفق مع العاملين هناك على مفاجأة أعدها له.. ليكون احتفالي الأول في يوم ميلادي معه له لا لي.. لأنه باختصار فرحتي.. 
كان قلبي يغني طوال الطريق بسعادةٍ لم تفارقني لحظة.. جلست هناك أنتظره وقلبي يترقب من يقص شريطه لافتتاح جديد وأتخيّل توقعاتي لردود أفعاله..
أقرأ اسمه على شاشة هاتفي.. أخبرني بعجل
- قلت أقولج خليها وقت ثاني أوكي؟ أشوفج بالبيت.. يمكن أتأخر لا تنطرين.. مع السلامة! 

حين وصلت الكعكة.. ببرودٍ جمدني أطفأت لهب شمعةٍ وحيدة بيدي لأطفئ لون خيبتي ولأستر على خطتي الفاشلة.. وكي أتعوّد على أن لا أخاف من وجودي الوحيد!

 وقتها همست بعدما سقط شريط قلبي
-أنا لا أريد إلا واحدًا.. واحدٌ فقط يكفيني هو أنت!
و"النفنوف" بمناسبته الكبرى لم يكن سعيدًا.. ومن قبل عودتي لا أحمل له إلا نيّة التخلص منه!



تمت 
(من وحي الخيال)
*الصورة ليست من تصويري هذه المرة

12 comments:

Reem AlHajri said...

سيما .. في الأيام الفائتة كنت أمر هنا كثيراً
وقد رسمتي في روحي الكثير من الابتسامات .. والفرح

أنا سعيدة بأنكِ تكتبين أشياء جميلة
وبأنكِ حاضرة في خيالك وواقعكِ
بنور :)

Zahraa Ali said...

(من وحي الخيال)
يوم شفت هالجملة رجعت لي الحياة !
! الحمد الله

ماابدعك يا جميلة
=")
()

Meshary said...

مشهدً .. بدأهُ الأمل .. و انتهى بـ خيبة
إلا أنها تفاصيلٌ صغيرة .. يحدث أن تتزاحم في يومٍ نعيشه
و هذا الخليط الذي يبعثر مشاعرنا .. ينتهي بـ لوحة تجريدية .. هي الحياة

مشهد جميل يا "سيما" .. يشي بـ شقاوة الحياة معنا .. و تلك العثرات التي تمثل خيباتنا .. لـ تغدو أحاديثاً تؤنسنا .. و نحن نقلّب الذكريات ..

:)

الجودي said...

البوست بنكه مختلفة ..
أخذني كل حرف فيه ...
و تسمرت جدام النفنوف مثلج ..
و لبسته معاج و شفت نفسي بالمنظرة ... و لفيت دار مدار نفسي .. هذه زياده من خيالي فيه ..

حبيتج في هالبوست بقدر تأثري فيه و أكثر

:*

Seema* said...

Reem
لأول مرة أتنفس السعادة دون أن أخاف لو تخنقني لأني عرفت أنها نقاء.. شكرًا لحروفكِ النقية أخجلتني! ;*

CHERRY
مع "كرسي" لاحظت حصل لبس من التعليقات فقلت أنوّه هذه المرة! :p
سعيدةٌ جدًا بوجودك!

Meshary
على قولك.. أيامنا تتشكل حسبما نحرك أحداثها بأفعالنا وردود أفعالنا.
وإذا خبنا اليوم؟.. غدًا يومٌ آخر!
أسعدتني هذه الزيارة للمدوّنة.. حياكم الله
: )

الجودي
الله..!
بمشاركتكِ فيه صار أجمل!
حبتج العافية!
;*

لآنٌنآ نٌجُيْڊّ [ آلصٌمْتُ ] حُمٌلۈنٌآ ۈزْرٌ [ آلنّۈآيًآ ] ! said...

سيما

لاأستطيع الا أن أقول لك

استمتعت بحرفك


واختلطت علي المشاعر


نص أكثر من رائع


وفقتي سيما

Unknown said...

قلبي كان يطبخ بشكل ومن قريت
(من وحي الخيال)
وكأن قلبي دش فريزر ثلج صناعة كورية

ما نرضى عليك سيما
:)

قصة رائعة حدي تأثرت

BookMark said...

"هذا يناسبني تمامًا دون أن أضيف له شيء.. اختياري له هو لمستي فيه"

أربكتِني يا سيما هذا بالضبط ما نحتاجه .. لأن يكون اختيارنا للشيء كافٍ لكونه مناسبًا!

شكرًا لأنك تصورين لنا كل هذا الجمال ;*

7osen said...

تعجبني جدا هذه النوعية من الكتابة

شكرا لأنك كتبتيها بهذا الشكل

مثل الجميع سعدت جداً لأنها من وحي الخيال
لكن ليس لأنها ليست أنتي .. فقط لأنها " من وحي الخيال" .. شكراً للروح التي تبتكر هذا الجمال

:)

ملاحظة .. التعليقات مميزة جداً .. بالفعل تليق بهكذا بوست

اقصوصه said...

بقدر ما هي خياليه

بقدر ما تحوي تفاصيلها من واقعيه

فالنهايه

هي رائعه بحق

دام قلمك

خاتون said...

السلام عليكم...

مجنون هو فنك بروعته
النص قمة في التصوير
والمشاعر والجمال
لو أنج تكملين عليه
يصير رواية خيالية
أرفع لك قبعتي المجازية
أبي أوقف أقووووول كلمة
واااااااو شالحل*_^

lil.D said...

من وحي الخيال؟
تحريتها صدق وعشتها
وعشت اللحظات فالكلمات
ونهايه احزنتني
وقلبي عورني

لكن الحمدلله انها خيال
ابدعتي!