نحن معًا لو لم يفصلنا جدار, نحن معًا لو لم يكن كلانا جدار. أسألك صدقًا, أخبرني من قال "ظل رجلٍ ولا ظل حيط"؟ ما الفرق أصلًا مادامت كلها ظلال ولا حقيقة. ماذا أفعل بظل؟ هاك, خذ ظلي لا أريده, أنا من دونه أخف. أنا واثقة من أن ثمة طرقٍ كثيرة غير الظل تثبت وجودي لأكون مرئية. وإن كانت قوانين الفيزياء تنص على أن الأجسام المادية لابد لها من ظل فلا تنس أن ذاك الظل ليس بالضرورة ملتصقًا بالجسم فالطائرة بالسماء وظلها بالأرض. وتذكّر أن لا ظل إلا في النور, لا ظل في الظلام. فهل تجرؤ بالبقاء معي وقت تعتم الدنيا ويحل المساء؟ أم أنك ضيفٌ لا يأتي وحيد, فأين ما كان النور جاء؟ وهكذا يتجدد الموعد على أن نجتمع بعد الظهيرة، تفرش ظلك، نجلس فوقه نشرب العصير ونأكل الشطائر.. أتشمس قليلًا وقبل أن تمضي كالغروب, أساعدك في حزم ظلك وحاجاتك لترحل. لا أدري عني ما أخبروك لكن ليس لهالة النور فوق رأسي من وجود. فإلحق بغيرك مادمت لا تستطيع الصمود.
لو أني نجمة.. لو أني سماء.. لو أني بحر.. لو أني نورس.. لو أني أي شيءٍ يعنيك. لكنني أنا.. أنا ولا جديد ولا أريد أن أكون إمتدادًا أنثويًا لرجل. لا أريد أن أغدو صورةً لأحد. لعل وجهي ليس الأفضل على الإطلاق لكنني لن أستغني عنه فقط لأنه لا يعجبك. قد أشبهك, وقد تتشابه بعض إهتماماتنا, لكنها لا تتطابق وهذا جيّد لأن أحاديثنا حين تصير واحدة.. تكون وحيدة. لا سبيل لها بالتشكل في صياغٍ جديد. تعجبني جواربي وهما بكل رجلٍ لون, تعجبني أقراط أذني; أحدهما له شكل نجمة, وآخر على شكل مفتاح صول, يعجبني طعم الرمان مع الأرز, يعجبني أن أستبدل تلفاز بمزهرية, يعجبني أن أعطي لذات المادة أكثر من وجودٍ معلب. أنا امرأة تحتفي بغرابتها, وتقدرها جدًا. مازالت تذهشني الحياة, والذهول عندي لا يسكن فقط بقبعات السحرة فكثيرًا ما وجدته برسمات الأطفال وعلى أرفف الكتب. مازلت أقفز عند آخر خطوات الدرج, أكلم نفسي, أصنع وجوهًا أمام المرآة لأضحك, أرسم لصحن العشاء عينان تبتسمان, أقبّل الورود في غرفتي قبل أن أنام, أحلم أحلامًا لو كانت لها ذاكرة لاكتفيت بها. وأعرف أن هذا الإختلاف يتسبب بالكثير من المشاكل لذلك يُقابل بالرفض لكن ما فائدة أن يكون كل شيءٍ مرتبًا ونظيف؟ قل لي إن كانت بالتوابيت حياة؟ إذا كان كل شيءٍ في مكانه, كل شيءٍ عالقٌ بزمانه, فما الجدير بالإنتباه؟ حين لا تتكلم الجدران بخربشات الألوان, حين لا يأتي الحلم وقت تنام, حين لا تبوح ملابسك عن ذوقك, حين يكون وجهك قناع... ما الجدير بالحياة؟ ما جدوى الأسقف العالية إن كنا لا نريد التأمل أو الوصول؟ الفوضى تسمح بالإبتكار, تصنع من حادث إنسكاب الألوان على الأرض لوحةً جميلة. الفوضى جميلة حين تسترجي أعيننا الجمال. قناعتي هي أن الذين يبالغون بترتيب محيطهم الخارجي, يعانون على الأغلب من فوضى داخلية. التوافق التام يعني الملل التام. وأنا لا أريد لداخلي أن يضطرب, أريد توازنًا وإنسجامًا ولهذا فإني أبحث دائمًا عن جنونٍ يشاركني حكمةً مجنونة. لا أريدك ظلي, لا أريدني ظلك. أريدنا معًا نرج زجاجة المعقول, نضرب بعرض الحائط ما سبق حتى يسقط الحائط بما ضُرب به وتنكشف من خلفه مرايا أسئلتنا والشكوك. فكن على إستعدادٍ للجنون.
: )
2013-07-15
ظل في الظلام
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
2 comments:
ندرة من يملكون حب التعامل مع هذا الجنون .. الذي أراه قمة العقل .. فكما قلتي ما حاجتنا بظلال في عالم يحكيه الغروب ..
بوست حسيته بشكل مختلف
أحسنت
لك كل الود
سلام عليكم..
من الجميل ان ندرك مبكراً ، بأن البشر ألوان متعددة وقد تكون متشابكة حد الإتلاف في بعض الميول والافكار وهي كذلك متنافرة مع بعض الى حد القتال..! نعم قتال بإثبات الذات وبأن الحياة افضل بإختلاف ألوانها لانها اللوحة التي تجمعنا.
إذا مادركنا ذلك كنا سعداء بأختلاف الالوان والظلال كجنة غناء.
حتى بأذن الله لكم بظل اخر كونوا بظل وارف
Post a Comment