بحريّةٍ وبإختيارٍ شخصي, نحن نصنع أماننا الخاص ومناطق الإرتياح. ولأننا بطبيعتنا البشريّة نخاف مما لا نعرف فنحن نبتعد عنه. وبصورةٍ ما, بينما ننحبس في مناطق إرتياحنا الصغيرة, نضيع فرصنا الكبيرة ونبتعد عن أنفسنا. لأن الروح أعماقٌ ممتدة سبيلها التجربة والإكتشاف. فإذا أوصدنا باب المعرفة, فلن نصل أبدًا إلى تلك الروح.
أوصيتني بروحي فقلت لي: "أحبيها!".. ولخاطر روحك الغالية عندي أحببتها. أنا أحبني لأنك تحبني, وحين أحب روحي, أحبك أكثر. الجسد قفصٌ, وروحي طائرٌ حر لابد له من الخروج. فتحت يدي والقلب فكانت المعجزة أن طار قلبي دون أن تكون له أجنحة. والروح سافرت بسلامٍ دون أثرٍ للتقفي. هكذا بدى الحب لي, إنه تجربة الموت بحريّة خروج الروح. وهناك, على حافة الحياة, أتساءل:"هل أنا حقًا أنا؟ ومن أنا؟ وماذا سأكون؟ أفأندم؟ وبماذا سينفعني الندم؟" رحت أركض طويلًا لألحق بي دون أن أعرف مكان الوصول, فلا إكتشاف حقيقي وأنا أعرف النهاية. وبالطريق أستوقفتني إبتسامة وردةٍ جلست قبالها بالساعات وقبل أن تنغلق على نفسها بالمساء, باحت لي بأسرارها عطرًا. لقد علّمني عطر وردة, إذا أحببت وردةً بالطريق, فتعال اسقها كل يومٍ. لا تقتطفها فهذا حب متوحّش. للحب صورٌ عديدة. لكن العالم يصر على وجوده الأوحد بكلمةٍ على الرغم من أنه فعل! حين أهلكني التعب, نمت على حافة رصيفٍ بالطريق وإذا بي بت وردةً فاجأتها يد من تحب وهي تحاول قطفها. خيبتي لم تكن هزّة كتف بل أقرب لأن تكون صفعة وجةٍ أو صفعة قلبٍ إن أمكن القول. لكنني برغم ذلك, ممتنةُ لليد التي أيقظتني لأواصل المشوار, لأعتني بالورود الأخريات, وأتعلّم أننا ندور العالم, ولا نلتقي إلا أقدارنا. وأخيرًا, إلتقيت روحي التي كانت غائبةً فيك ثم بعد ذلك,أنت ابتعدت. لأضيع مرةً أخرى. ولا أعود حيث كنت, فحتى لو وقفت على نفس الأرض, ونفس التراب, ونفس الجسد القديم, فالروح ما عادت هي الروح ذاتها.
الكلمات بالتكرار تتجرّد من معانيها لذلك تكون الكلمة الغالية صعبة لا تأتينا كل يوم حتى لا نعتاد عليها فلا نعود نشعر بها. سأقول بأنك حبيبي كل يوم. فربما الروتين بالتكرار ينزوي ببطئٍ ناحية الملل. لكن الحب كالصلاة. والصلاة على خلاف كل ذلك. الصلاة هي تجربة روحانية, إتصال رباني مذهل, بل إنها تحقيقٌ لأعلى مراحل التواصل. إنها خطابٌ مباشر دون وسيط.. إنها لقاء الأحبة. وإذا كانت صلاتنا باردة, فلمن تكون حرارة اللقاء؟ صلِ لي لكي أصل. صل لي, لكي أرتاح. كيف تكون الصلاة مريحةٌ جدًا؟ لأنها تجعلنا نستشعر وجودًا ما, نحس بقرب العلاقة, وبأن هنالك من يسمع ويحس, وبأننا لسنا وحيدين في هذا العالم. كثيرًا ما أرى الناس يصلون بالمساجد إلا أن ملامحهم تختلف. البعض يصلي ليرتاح من صلاةٍ فرضت عليه, والبعض يصلي ليرتاح بها. إنه فرقٌ بسيط بدرجات استعدادنا لكنه يحدث فارقُا كبيرًا. الصلاة هي أكثر من مجرد حركاتٍ نؤديها, لأن الحركات هي نقلٌ حرفي وشكلٌ ظاهريٌ. وحين يؤدى الفعل جسديًا وهو خالٍ من المعنى, لا تشارك الروح في العمليّة فيتحوّل الفعل إلى عملٍ مبرمج قد تتفوّق الآلة فيه على الإنسان. شيءٌ ما يستجد ونحن نرتل الآيات, ونحن نفرّغ قلوبنا بالكلمات "اهدنا الصراط المستقيم" .. أتذكرك بصلاتي, وفي كل مرّةٍ -برغم غصتي بك, وتعبي منك- أدعي لك, ولا أدعي عليك أنت الغائب أبدًا, يسألوني عنك, كيف هو شكلك. وهي كل مرةٍ أذكر لهم صورةً مختلفةً لأن الحب متجدد. وبهذا, فإني كل يومٍ أضيع وأسقط وأقع بالحب مجددًا, فأحب سبعين ألف مرةٍ وفي كل مرةٍ تكون أنت حبيبي.
:)
1 comment:
التعليق على هذا البوست وايد صعب
كوني بخير عزيزتي
Post a Comment